الخميس، 3 أغسطس 2017

الحج وصناعة المفاهيم


الحج وصناعة المفاهيم

( الانضباط واحترام المواعيد)



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام

على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد

فالمتأمل في رحلة عرفة والبقاء بها إلى المغرب ثم الانطلاق إلى مزدلفة

والمبيت بها والخروج منها قبيل الشروق ثم العودة إلى منى ورمي جمرة

العقبة يدرك قيمة الانضباط التي يحاول الحج خلقها في نفوس الحجاج

من خلال هذه الشعائر .



إن الشارع جعل الوقوف بعرفة ركناً وألزم الحاج بالوقوف فيها ولو

للحظة ومن لم يدرك يومها حُرم الحج بالكلية ، وعُد الداخل إليها ممنوعاً

من الخروج منها إلا بعد غروب الشمس ، وأذن له بعد الغروب بالتوجه

إلى جمع ومنعه من الخروج منها إلا بعد الفجر مالم يكن معذوراً .

كل هذا من تعميق مفهوم الانضباط في حياة من شهد هذه الشعيرة فماذا

لو استوعبنا هذه المعاني ثم مددنا في مساحتها لتشمل سائر حياتنا .



تصوّر معي لو أن كل حاج فقه هذا المعنى وأدرك هذا السلوك وبدأ

في التخلّق به في حياته وأقام لموعد وظيفته شأناً ، وإذا أبرم وعداً التزم

به ، وإذا حدد موعداً أجلّه وعظّمه . كيف لو انضبط الحجاج وتكفّل كل

واحد من هؤلاء أن يكون مسؤولاً عن أمن الحرم ونظافته وجمال مشاعره

! تصوّر معي كيف ستكون المشاعر المقدّسة لو تحرّج كل حاج أن يرمي

منديله الذي أزاح به عرقه ، وجَهِد أن يضعه في المكان المخصص له !

تخيّل معي أن حاجاً يمسك منديله ، أو علبة عصيره في يده ويتحرّج غاية

الحرج أن يرميها عبثاً لأن دينه أهّله لتلك المعاني من جهة ، ومن أخرى

أغراه بأن عمله هذا قد ينقله لأمانيه في الجنان من خلال لحظة .



أيها المسلمون كونوا مشهداً مثيراً للعالم من خلال هذا المعنى

وسيأتي العالم بعد ذلك مؤمناً بما تقولون .


د/ مشعل عبد العزيز الفلاحي

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق